هل سيُصبِح لبنان دولة من دول الممانعة، ام انه سيظل ينأى بنفسه حتى انتهاء المعارك في سوريا، وتتبلور الاوضاع في المنطقة، بانتظار التفاهمات الدولية في منطقة الشرق الاوسط؟.
في هذا السياق، رأت مصادر سياسية ان بوادر دخول الدولة اللبنانية في هذا المحور، او اقله عدم مهاجمته، بدأت في السجال القائم حول ما اذا كانت الزيارة التي بدأها وزيري الصناعة حسين الحاج حسن والزراعة غازي زعيتر الى دمشق للمشاركة في انطلاقة فعاليات معرض دمشق الدولي، والتي سيواكبها تغطية إعلامية من قبل وسائل الاعلام التابعة لحركة امل وحزب الله ، وغيرها من الاعلاميين الذين يدورون في فلك هذا الاتجاه، بهدف التأكيد على أهميتها، ضمن حملة بدأها "محور المقاومة" .
واضافت هذه المصادر ان من المؤشرات الاخرى التي ظهرت في هذا الاتجاه معارك جرود عرسال وما تبعها من تركيز على ثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة"، اضافة الى الرسائل التي وجهها الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، والتي أشار فيها وبترحيب غير مسبوق ان الدولة اللبنانية قررت ولأول مرة تحرير أراضٍ محتلة من قبل التكفيريين، عارضا مساعدة الجيش اللبناني في معركته المرتقبة من قبل المقاومة والجيش السوري .
وفي موازاة هذه المواقف سجلت المصادر تحذيرا مبطنا من نصرالله في خطابه الاخير، من الاّ يبادر اي فريق لبناني للتطوع لأداء دور الشريك الداخلي في حملة الضغط الاميركيّة التي تجددت وتصاعدت، مع انطلاق عهد الرئيس الاميركي دونالد ترامب واتخذت أشكالا متواضعة.
وتتابع المصادر، انه في المقابل هناك فريق في الحكومة وخارجها، لا يزال يشدد على عدم التواصل مع النظام السوري، وعلى عدم التنسيق مع حزب الله والجيش السوري، وان الجيش اللبناني وحده مكلف ومؤهل للقيام بمهمة تحرير الارض، مكتفيا بالكلام، دون اتخاذ اي إجراءات مضادة لما يقوم به حزب الله وحلفاءه، لكسر مقولة النأي بالنفس، وعدم الاتصال بالسوريين .
ولاحظت المصادر ان حزب الله ليس غائبا عن عملية تقاسم الأدوار التي يمارسها خصومه داخل تيار المستقبل، وكذلك القوات اللبنانية، وانه ابلغ المعنيين انه يقبل بأن يكون للشركاء في التفاهم الحاصل رأيهم، ولكن اذا ما قرروا العودة الى ادوار الشريك التنفيذي للمشروع المضاد فهناك حسابات اخرى .
وترى المصادر نفسها ان تطورات الوضع الداخلي على الصعيد الحكومي، وعلى صعيد مصير التفاهم الذي أنتج حكومة برئاسة سعد الحريري، متوقف على أمرين، الامر الاول ما ستؤول اليه نتائج زيارة الوزيرين اللبنانيين الى سوريا ومواقفهما هناك، والثاني ما اذا كانت لديهما نوايا لطرح ما يتحقق من هذه الزيارة على مجلس الوزراء، اضافة الى سير معركة جرود القاع ورأس بعلبك ومجرياتها.
وتعتقد المصادر ان الاوضاع العربية بشكل عام والمواقف الخليجية بشكل خاص مما يجري في لبنان، لن تساعد رئيس الحكومة سعد الحريري للتصدي لمجريات التطبيع مع سوريا التي يقودها الثنائي الشيعي، لأنّ مثل هذا الامر سيؤدّي في الحد الأدنى الى استقالة الحكومة او تعطيل أعمالها، وهذا في حال حدوثه لن يكون في صالح زعيم تيار المستقبل في المرحلة الراهنة .
واستنتجت المصادر ان انتصار الجيش اللبناني المتوقع على الجماعات التكفيرية في البقاع، يمكن ان يكون مخرجا موقتا لازمة بدأت تلوح بين أطراف التفاهم، حيث سيلجأ الافرقاء المتخاصمين سياسيا الى تجيير هذا النصر حسب اتجاهاتهم السياسية، بانتظار تطورات الاوضاع في المنطقة وخاصة سوريا، مع تسجيل نقاط تقدم لفريق مؤيدي مقولة "الجيش والشعب والمقاومة".
والمعروف ان نشاطات معرض دمشق الدولي عانت اكثر من خمس سنوات نتيجة الحرب في سوريا، حيث يشارك في هذا المعرض حسب مسؤولين سوريين 23 دولة، والذي سيقام في منطقة قريبة من مطار دمشق الدولي، عند أطراف الغوطة الشرقية.